تعتبر الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis) واحدة من التحديات الصحية الأكثر إثارة للقلق، حيث تُظهر الدراسات أن الأمر يستغرق في المتوسط 11 عامًا لتشخيص هذه الحالة. تتسبب هذه الحالة في نمو نسيج مشابه للبطانة الرحمية في أماكن غير معتادة بالجسم، مما يؤدي إلى ألم مزمن ومضاعفات تتعلق بالخصوبة. على الرغم من التعقيدات المرتبطة بتشخيصها، توصل باحثون مؤخرًا إلى طريقة مبتكرة قد تُسهم في تسريع الكشف عن هذه الحالة باستخدام عينات البراز. تشير الأبحاث إلى أن التعرف على مجموعة فريدة من المستقلبات في البراز قد يُصنف هذا المرض بشكل فعال، مما قد يسهل على النساء اللواتي يشكين في إصابتهن بإجراء اختبار غير جراحي قبل اللجوء إلى الإجراءات الجراحية التقليدية. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل الدراسة الحديثة وما تعنيه هذه النتائج للمرضى وتقدم الرعاية الصحية.
تشخيص بطانة الرحم الهاجرة باستخدام عينات البراز
بطانة الرحم الهاجرة تعد من الأمراض النسائية المعقدة والتي يصعب تشخيصها. في السنوات الأخيرة، تقدم الأبحاث بطرق جديدة للتشخيص، منها استخلاص معلومات من عينات البراز. تشير الدراسات الحديثة إلى إمكانية استخدام مجموعة فريدة من الميتابوليتات التي تنتجها الميكروبات في الأمعاء كعلامات تدل على وجود المرض. هذه الميتابوليتات تنتج عندما تقوم البكتيريا بهضم الطعام، ونتيجة لذلك، يمكن اكتشافها في عينات البراز، مما يفتح آفاقًا جديدة في طريقة تشخيص المرض.
تمت العلاقة بين التغيرات الملحوظة في الميكروبيوم المعوي ومرض بطانة الرحم الهاجرة، وهو حالة تنمو فيها الأنسجة التي عادةً ما تكون في الرحم في أماكن أخرى من الجسم، مما يؤدي إلى آلام مزمنة وفقدان القدرة على الإنجاب. وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن بعض التغيرات في هذه الميكروبات قد تكون مرتبطة بالمرض، وهذا ما تم تأكيده من خلال الدراسة الحديثة التي أظهرت وجود تباين في الميتابوليتات بين عينات البراز للنساء المصابات بالمرض وتلك غير المصابات. ومن المتوقع أن يكون هذا النوع من الفحوصات المستخدمة في المستقبل أداة مهمة تساهم في تقليل الحاجة لإجراءات تشخيصية جراحية بحتة مثل التنظير البطني.
العقبات في التشخيص التقليدي لبطانة الرحم الهاجرة
عادة ما يستغرق تشخيص بطانة الرحم الهاجرة فترة طويلة، قد تصل إلى 11 عامًا، وهذا بسبب عدم وضوح الأعراض التي تصاحب المرض، حيث تتشابه مع أعراض حالات صحية أخرى مثل الأورام الليفية والتهاب الحوض. يبدأ التشخيص بنموذج تقليدي يتضمن أخذ التاريخ الطبي الشامل للمرأة، ثم إجراء الفحوصات البدنية، وقد توصل الأطباء إلى استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي في البحث عن علامات محتملة.
ومع ذلك، فإن الطريقة الوحيدة المؤكدة للتشخيص هي من خلال إجراء عملية جراحية تعرف بالتنظير البطني. إذ يتطلب الأمر تدخل جراحي لاستئصال عينة من الأنسجة، وهو ما يمثل عبئًا نفسيًا وجسديًا على المرأة. إن إدخال اختبار غير جراحي يعتمد على عينات البراز كأداة تشخيصية يمكن أن يقدم الأمل في تسريع عملية التشخيص وتخفيف العبء عن المرضى.
البحث عن الميتابوليتات واستخدامها في التشخيص
أظهر البحث أن النساء المصابات ببطانة الرحم الهاجرة لديهن مجموعة مميزة من الميتابوليتات في عينات برازهن مقارنة بنظيراتهن غير المصابات. على سبيل المثال، تم اكتشاف أن مستويّات بكتيريا “روزبروريا” المفيدة كانت أقل لدى المصابات. وقد ثبت أن هذه البكتيريا لها خصائص مضادة للالتهابات، مما يشير إلى دورها المحتمل في إدارة الحالة. بالإضافة إلى ذلك، تم تحديد ميتابوليت معين يدعى 4-هيدروكسي إندول، والذي كان موجودًا بمستويات أقل بكثير في عينة براز المصابات مقارنةً بالآخرين. هذا يزيد من احتمال استخدام تحليلات مستوياته كأداة تشخيصية.
تجربة إضافية أجراها الباحثون أظهرت أن حقن الفئران المصابة ببطانة الرحم الهاجرة بمادة 4-هيدروكسي إندول ساهم في تقليل انتشار الأنسجة المسببة للألم. مما يعني أن تلك المادة قد تلعب دورًا وقائيًا ضد المرض، وهذا لا يزال قيد الدراسة. على الرغم من أن النتائج من هذه التجارب على الفئران مشجعة، إلا أن الأبحاث تحتاج إلى التحقق من صحتها في التجارب السريرية على البشر لتأكيد فوائدها.
المستقبل والإمكانيات العديدة لفحوصات البراز
يعمل العلماء حاليًا مع شركاء تجاريين على تطوير اختبار يعتمد على نتائج الدراسة الجديدة لتكون أداة متوفرة على نطاق واسع للكشف عن بطانة الرحم الهاجرة. إذا تم إثبات فعالية هذه الفحوصات، من المتوقع أن تتوفر اختبار أشبه باختبار الحمل المنزلي للنساء خلال السنوات القليلة القادمة، مما يسهل عملية التشخيص ويمنح الأمل للكثيرات اللواتي يعانين من الأعراض التي قد تشير إلى هذه الحالة المعقدة.
تتجه الأبحاث الآن نحو إحراز تقدم في تطوير اختبار غير جراحي يمكن أن يؤدي إلى تحسين التشخيص وجعل الحياة أكثر سهولة للنساء. الاختبارات المتعلقة بالميتابوليتات مثل 4-هيدروكسي إندول تفتح المجال أمام أبحاث جديدة قد تغير طريقة التعامل مع هذا المرض بشكل جذري، مما يتيح فرص أفضل للنساء اللواتي يعانين من بطانة الرحم الهاجرة.
رابط المصدر: https://www.livescience.com/health/fertility-pregnancy-birth/scientists-are-working-on-a-poop-test-for-endometriosis
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً