تُعتبر الرعاية الصحية في الولايات المتحدة من المسائل المعقدة والمكلفة، ويعاني الكثير من الأمريكيين من صعوبة التنقل في هذا النظام، مما جعلها من القضايا الرئيسية المطروحة في الانتخابات الرئاسية القادمة. يسعى كل من نائب الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب إلى جعل الرعاية الصحية أكثر قابلية للتحمل من خلال وعود انتخابية، إلا أن نهجهما في تحقيق ذلك يحمل اختلافات واضحة. يتناول هذا المقال الفروقات بين رؤى هاريس وترامب فيما يتعلق بتكاليف الأدوية، وحقوق الإجهاض، ومستقبل قانون “أوباماكير” (Obamacare)، كما يكشف كيف قد تؤثر سياسات كل منهما على النظام الصحي الأمريكي في السنوات القادمة. في ظل الارتفاع المستمر للتكاليف وحالة عدم اليقين التي يعيشها الكثير من المواطنين، يصبح من الضروري فهم مواقف المرشحين للطرفين وكيف يمكن أن تتغير الخدمات الصحية في البلاد بناءً على نتائج هذه الانتخابات.
تحديات الرعاية الصحية في الولايات المتحدة
تواجه الرعاية الصحية في الولايات المتحدة تحديات ضخمة تتمثل في ارتفاع تكاليفها وتعقيداتها. تعتبر هذه التحديات من القضايا الرئيسية التي تؤثر على حياة المواطنين وتظهر عادة في صدارة اهتمامات الناخبين، وخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. لقد تحولت الرعاية الصحية إلى مسألة معقدة، حيث ينفق الأمريكيون أكثر من 4 تريليون دولار سنويًا على النظام الصحي، ومع ذلك، فإن النتائج الصحية في البلاد تبدو متدنية مقارنة بدول أخرى ذات دخل مرتفع. التقرير الذي أصدرته مؤسسة كومنولث لعام 2023 يظهر أن الولايات المتحدة تعاني من أدنى معدل متوسط للعمر عند الولادة وأعلى معدلات الأمراض المزمنة، مما يعكس انتشار مشكلات صحية تتعلق بالوصول إلى الرعاية وحصول الأفراد على الخدمات الصحية اللازمة.
يعتبر نحو نصف الأمريكيين أن تكاليف الرعاية الصحية تشكل عبئًا ماليًا، مما يجبرهم على تحمل ديون أو تأجيل العلاج الضروري. هناك احتجاجات واضحة لهذا الوضع، خاصةً مع استمرار زيادات الأسعار في الوصفات الدوائية والتكاليف المرتبطة بالرعاية الذاتية. تتفاوت سياسات المرشحين في الانتخابات الرئاسية، حيث يركز كل منهما على كيفية معالجة هذه القضايا بطريقة مختلفة. في هذا السياق، تقدم نظرة على الحلول المقترحة من قبل كل مرشح يعتبر أمرًا أساسيًا لفهم ما قد يتعلق بمستقبل أنظمة الرعاية الصحية في البلاد.
السياسات المقترحة من قبل كامالا هاريس
كامالا هاريس، نائبة الرئيس، تسعى إلى تنفيذ سياسات تمنح الصحة الأولوية ضمن أجندتها. يتمثل أحد أهم محاور خططها في تحسين وصول المواطنين إلى الأدوية بأسعار معقولة، فتعهدت بشق طريقها نحو توسيع التدابير التي ساعدت إدارة بايدن في خفض تكاليف الرعاية. هي تعلم أن الكثير من الأمريكيين يكافحون لدفع تكاليف الأدوية، لذا تخطط لتمديد الحد الأقصى لتكاليف الإنسولين الشهري إلى 35 دولارًا لجميع المواطنين وليس فقط لكبار السن الذين يحصلون على الرعاية الصحية عبر برنامج ميديكير.
إن خطط هاريس لا تقتصر فقط على الدواء، بل تشمل أيضًا الدفاع عن قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير) وتعزيز الإعانات المتاحة لتخفيض تكاليف الرعاية الصحية على الأسر ذات المدخول المنخفض. كما تعهدت بالتعاون مع الكونغرس لتوسيع برنامج ميديكيد ليشمل الدول التي لم تسهم في توسيع نطاقه بعد. يشمل هذا البرنامج تغطية 81 مليون أمريكي، مما يعني أنه من الضروري الحفاظ على هذا البرنامج. في حالة نجاح هاريس في الانتخابات، يتوقع أن تكون هناك تحولات مهمة ستحدث في مشهد الرعاية الصحية، تتمحور حول تحسين الفرص الصحية للأفراد الأضعف اجتماعيًا.
استراتيجيات دونالد ترامب
في الجهة الأخرى، يظهر دونالد ترامب أساليبه الخاصة في التعامل مع القضايا المتعلقة بالصحة. وعلى الرغم من عدم تحديده لخطط مفصلة، إلا أن سياسته تميل إلى تقليص النفقات الفيدرالية في الرعاية الصحية من أجل خفض الضرائب وتقليل دور الحكومة في هذا المجال. خلال فترة رئاسته، أطلق العديد من المبادرات الهادفة إلى خفض تكاليف الأدوية، لكن معظمها كان إما مؤقتًا أو لم يحقق النتائج المرجوة. إحدى الأمثلة هي الأمر التنفيذي الذي أصدره في 2020، والذي كان يهدف إلى ضمان عدم دفع برنامج ميديكير أكثر من أقل الأسعار في دول متقدمة معينة. ومع ذلك، ألغت الإدارة الحالية هذا الأمر، مما يعكس صعوبة تغييرات القوانين الصحية في الولايات المتحدة.
كما حاول ترامب إدخال الأدوية من كندا، حيث الأسعار عادة تسجل أقل بكثير من الولايات المتحدة. ومع ذلك، كانت هذه المبادرات بحاجة إلى الكثير من الوقت لتحقيق التنفيذ بعد أسابيع من التنفيذ. ومن الجدير بالذكر أن ترامب انتقد حملات خفض الأسعار، معتبرًا أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى تقليص الابتكارات في مجال الأدوية وقد تضر بالصناعات الدوائية. ومع ذلك، تبرز تساؤلات حول ما إذا كان لديه القدرة على تنفيذ سياسات فعّالة في حال عودته إلى البيت الأبيض، خاصةً مع تزايد الضغوط السياسية والتحديات القانونية التي تواجهه.
تأثير الانتخابات على حقوق الإنجاب والرعاية الإنجابية
تمثل حقوق الإنجاب والرعاية الإنجابية أحد القضايا الحساسة والمحورية التي يتم الحديث عنها في سياق الانتخابات الرئاسية. يتبنى كل من هاريس وترامب مواقف مختلفة تمامًا حول هذا الملف. تحت الإدارة الحالية، تم تأكيد حقوق المرأة في الوصول إلى خدمات الرعاية الإنجابية، بينما يعبر ترامب عن رأي معارض إلى حد كبير. هاريس تدعم بشكل قوي حق المرأة في اتخاذ قراراتها بشأن جسدها، بينما ترامب يسعى إلى تعزيز نهاية حقوق الإجهاض.
بينما تسعى هاريس لتوسيع البرامج التي تضمن الحقوق الإنجابية، يمكن أن يؤدي فوز ترامب إلى مخاطر كبيرة بفقدان ما تم تحقيقه. إن إعادة النقاشات حول حقوق الإنجاب والتقنيات المساعدة على الإنجاب ستمثل جزءًا لا يتجزأ من أهداف الحملة الانتخابية. تعتبر قضية حقوق الإنجاب وجزء كبير من الرعاية الصحية بحق اختيار المرأة، وهي بالتالي جزء من حزمة أكبر من الحقوق الإنسانية التي تتعلق بالصحة. الثقافة الصحية قد تشهد تحولًا كبيرًا بناءً على نتائج الانتخابات، الأمر الذي يمكن أن يؤثر في حياة الملايين.
مخاطر عدم التأمين الصحي في أمريكا
يعتبر عدم التأمين الصحي من القضايا الرئيسية التي تؤثر على العديد من الأمريكيين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الملايين يعيشون دون أي شكل من أشكال التأمين الطبي. هذا الوضع يزداد تعقيدًا في ظل تغيرات الحكومة وتقلبات السياسة الصحية. إن عدم وجود تغطية صحية يؤدي إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية، وعدم قدرة الأفراد على تلقي العلاج المناسب في الوقت المناسب. وفي حالة حدوث تغيير كبير مثل إدارة ترامب، يمكن أن تنشأ مخاطر إضافية على الأفراد غير المؤمنين. قد تؤدي سياسات مثل تقليص ميزانية Medicaid، وفرض قيود أكثر شدة على الأهلية، إلى تفاقم الأوضاع بالنسبة لهم، مما يزيد من العبء على نظام الرعاية الصحية الحكومي ويدفع العديد من ولايات أمريكا نحو أزمات اقتصادية وصحية.
على سبيل المثال، يشير الخبير الصحي ألتمن إلى أن إدارة ترامب قد تقوم بتقليص عدد الأشخاص الذين يستطيعون الحصول على Medicaid، مما يعني أن المزيد من الأفراد سيفقدون إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. اللجوء إلى نظام “البلوك غرانت” الذي يمنح الولايات ميزانية ثابتة لكل ولاية قد يكون له تأثيرات مدمرة على تقديم خدمات الرعاية الصحية، حيث يمكن أن يؤدي إلى نقص في التمويل والمراقبة، مما يخدم فقط مصلحة الحكومات المحلية على حساب صحة الأفراد.
قضية الإجهاض وتأثيرها على الناخبين
تعد قضية الإجهاض أحد المواضيع الأكثر إثارة للجدل والتي تؤثر بشكل كبير على الانتخابات. بعد قرار المحكمة العليا بإلغاء حكم Roe v. Wade، شهدت البلاد تحولًا كبيرًا في كيفية التعامل مع حقوق الإجهاض. هذا التحول حرم ملايين النساء من حقوقهن ومع مرور الوقت، بدأ الناخبون في الولايات المتأرجحة يعتبرون الوصول إلى الإجهاض كقضية مدنية أساسية. وقد أظهرت الاستطلاعات زيادة في عدد الناخبين الذين يعتبرون الإجهاض القضية الرئيسية في الانتخابات.
تعتبر كامالا هاريس مدافعة قوية عن حقوق الإجهاض، حيث نادت بضرورة إقرار قانون فيدرالي لحماية حقوق النساء في هذا الشأن. كما شجعت على إلغاء قاعدة “فيليباستر” في مجلس الشيوخ، مما سيسهل على المشرعين من أصحاب الأصوات التقدم بمشاريع قوانين تحمي حقوق الإجهاض. يدعو الكثيرون إلى إنشاء قوانين تؤكد حقوق الإجهاض بشكل واضح، خاصة في ظل وجود تأثير كبير للحكومات الولاية في تحديد هذه الحقوق، والتي غالبًا ما تكون ضد مصلحة النساء، خاصة النساء من ذوي الدخل المنخفض.
التخبط في السياسة حول الإجهاض من قبل ترامب
يوجد تناقض واضح في مواقف ترامب تجاه الإجهاض، حيث تذبذب سياساته من تأييد صارم إلى محاولات لتفادي التصريح بموقف محدد. في نفس الوقت الذي يستعرض فيه رعايته لإلغاء Roe v. Wade، يشير إلى أن السياسات المتعلقة بالإجهاض يجب أن تحددها الولايات. ومع ذلك، يعبر ترامب عن رؤية للحفاظ على بعض الاستثناءات، عن طريق فرض قيود على الإجهاض بعد 15 أسبوعًا، ومن ثم يفاجئ الجمهور بموقفه الداعم لحق الإجهاض في حالات معينة.
تعكس هذه التناقضات حالة من عدم اليقين حول سياساته، مما قد يجعل الناخبين يتساءلون عن مصير حقوق الإجهاض تحت قيادته. قد يؤدي عدم القدرة على اعتماد سياسة واضحة إلى تحويل موضوع الإجهاض إلى موضوع جدل كبير، مما قد يكون له تأثير سلبي على الناخبين من المتعاطفين مع حقوق النساء في اتخاذ القرارات المتعلقة بأجسادهن.
حقائق حول الاستثمار في علاج العقم
يهتم كل من ترامب وهاريس بقضية علاج العقم، لا سيما تقنية الاخصاب في المختبر. يعتبر علاج العقم مسألة حساسة تهتم بها العديد من الأسر، لكنه مكلف للغاية، مما يجعله بعيدًا عن متناول الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. فقد حظيت قضايا العقم باهتمام أكبر بعد أن سمح القضاء الأمريكي بتحديد وضع الأجنة المجمدة كأطفال، مما أثر على إمكانية استخدام تقنيات الإخصاب في الولايات ذات القوانين التقييدية.
أشاد ترامب بفكرة تغطية علاج العقم عن طريق الحكومة أو شركات التأمين، مما يظهر استعداده لمعالجة قضية تعاني منها الكثير من الأسر في البلاد. بينما كانت التصريحات المتكررة من هاريس تشير إلى ضرورة الدفاع عن حقوق العائلات في الوصول إلى هذه التقنيات. ومع ذلك، لم تفصح عن تفاصيل واضحة حول كيفية تحقيق ذلك، مما يجعل العديد يتساءلون عن أبعاد سياسة العلاج في المستقبل القريب.
رابط المصدر: https://www.cnbc.com/2024/10/19/2024-election-trump-harris-plans-on-drug-costs-abortion-obamacare-differ.html
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً