في اكتشاف أثري مذهل، عثر العلماء في بيرو على قاعة عرش تعود لأكثر من 1300 عام، مزينة برسوم جداريّة تُظهر حاكمة موشيّة أنثوية، رغم عدم العثور بعد على رفاتها. تقع هذه القاعة في موقع باñماركا الأثري، ويمثل هذا الاكتشاف دلالة قوية على دور المرأة في المجتمعات القديمة، لا سيما في حضارة الموشي التي ازدهرت بين القرنين الرابع والثامن الميلادي. يسلط المقال الضوء على تفاصيل هذه القاعة الفريدة، بالإضافة إلى الأعمال الفنية التي تبرز أهمية هذه الحاكمات في حياة المجتمع، ويطرح تساؤلات حول التنظيم السياسي والثقافي في ذلك الوقت. تابعونا لاستكشاف هذا الأرث الحضاري المثير ونتائجه المحتملة على فهمنا لتاريخ أمريكا الجنوبية.
اكتشاف غرفة العرش للملكة موشي القديمة
تم اكتشاف غرفة عرش تعود لحوالي 1300 عام في موقع باينماركا في جنوب بيرو، والتي تُظهر تجسيدًا فنيًا لملكة من مملكة موشي القديمة. تمثل مملكة موشي حضارة قديمة ازدهرت في شمال بيرو بين 350 و850 ميلادية، وكانت معروفة ببنيتها المعمارية المعقدة وفنها الخزفي الرائع. على الرغم من اكتشاف غرفة العرش، لم يتم العثور بعد على بقايا هيكل الملكة، ما يجعل البحث مستمرًا. غرف العرش هي رمز للسلطة، واكتشاف مثل هذه الغرفة يعد دليلًا قويًا على أن النساء كان لهن دور قيادي في تلك الحضارات القديمة.
تحتوي غرفة العرش على عرش مصنوع من الطوب اللبن، كما تم العثور على بقايا من خرز الحجر الأخضر وشعر بشري، وقد يكون الشعر هو لشخصية الملكة نفسها، مما يقدم فرصة لإجراء اختبارات الحمض النووي لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية التاريخية. تعكس الرسوم الجدارية التي زُينت بها الغرفة الكثير من التفاصيل المتعلقة بالحياة اليومية والعادات الثقافية لمجتمع موشي، إذ تظهر الملكة في أوضاع مختلفة، مثل ارتداء التاج ورفع كأس أو حاملةً صولجان، مما يعكس ما كان يتوقع من شخصية ملكية في تلك الأزمنة.
الفنون والعمارة في حضارة موشي
أبدعت حضارة موشي في مجالات الفن والعمارة، حيث استخدمت أساليب بناء متقدمة وأنتجت تحفًا فنية فريدة. المعمار الخاص بهم اشتمل على المعابد والأهرامات ومساحات سكنية، مع استغلال المواد المتاحة في المنطقة مثل الطين والحجر. الفن الخزفي كان أيضًا عنصرًا بارزًا في ثقافاتهم، حيث صنعت قطع خزفية تتضمن صورًا لأوجه البشر والحيوانات من حولهم، مما يعكس فهمهم العميق للطبيعة والروحانية.
من الأمثلة الرائعة على هذه الفنون هو اكتشاف الأواني الخزفية التي تحمل نقوشًا معقدة تعكس الأساطير والعلاقات الاجتماعية، والتي كانت تُستخدم في الطقوس الدينية والاجتماعية. كانت النساء في مجتمع موشي يتمتعن بالدور الفعال في هذه الفنون، حيث كانت بعض الأعمال تُنسب إليهن كفنانات وصانعات. ثم تتكرر الفكرة بأن النساء لم يكن مقتصرين فقط على الأدوار التقليدية، بل كان لهن تأثير عميق على الحياة الثقافية والسياسية لمجتمعاتهن.
الأنظمة السياسية والاجتماعية في زمن موشي
يطرح تاريخ مملكة موشي العديد من الأسئلة حول الأنظمة السياسية والاجتماعية التي سادت في ذلك الوقت. تشير الأدلة الحديثة إلى أن المجتمع كان يتكون من كيانات مستقلة تمارس تبادل التفاعل الثقافي والاقتصادي بينها، حيث كانت تتشارك في طقوس دينية وفنية مشابهة. الخلط بين الأدوار السياسية والاجتماعية يعد سمة مميزة في هذه المجتمعات، حيث كانت النساء يشغلن مناصب قيادية، ولكن دورهن غالبًا ما تم تفسيره بشكل خاطئ من قبل علماء الآثار.
تشير الأبحاث إلى أن الكثير من المدافن الراقية للنساء ربما تم تصنيفها على أنهن “كاهنات” بدلاً من “ملكات”، مما يعطي انطباعًا خاطئًا عن طبيعة دور النساء في المجتمع. في الآونة الأخيرة، تمت إعادة تقييم هذه الأفكار، حيث يُحتمل أن تكون العديد من هؤلاء النساء قد كن حكامًا وعناصر فاعلة في السياسة. من خلال إعادة تفسير الاكتشافات، يمكن أن يتم تسليط الضوء على القوة النسائية المُحجبة في التاريخ.
آفاق البحث الأثري المستقبلي في باينماركا
لقد شهد موقع باينماركا تطورًا كبيرًا في البحث الأثري على مدى السنوات السبعين الماضية، حيث تم اكتشاف العديد من الآثار الثقافية، بما في ذلك الرسوم الجدارية والمهيئات التقديسية. يجري الآن فريق الأبحاث برئاسة مشيل كوانس، الذي يخطط لتعميق الفهم للثقافة الموشي وخصائصها السياسية والاجتماعية. الاستمرار في دراسة هذه الآثار يساعد في فتح آفاق جديدة في فهم التفاعلات بين الثقافات القديمة وحياتهم اليومية.
أداة الجينات والحمض النووي هي أيضًا مجال متزايد الأهمية، حيث يمكن أن تكشف الاختبارات عن الهوية الحقيقية لشخصيات تاريخية مثل الملكة المكتشفة. لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به للكشف عن المزيد من الأسرار التي تكمن في الأرض وفي التاريخ الغامض لمملكة موشي.
رابط المصدر: https://www.livescience.com/archaeology/1-300-year-old-throne-room-of-powerful-moche-queen-discovered-in-peru
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً