مع اقتراب يوم الانتخابات في الولايات المتحدة، تزداد حدة التوتر والقلق في الأسواق المالية. يعتبر هذا الوقت من العام محوريًا، حيث يتساءل المستثمرون والشركات عن تأثير النتائج الانتخابية على الاقتصاد الأمريكي وأداء الأسواق. كما يشير التاريخ إلى أن الأسواق، عادة، لا تتأثر بشكل مباشر بالحزب السياسي للرئيس، لكن الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى زيادة التقلبات على المدى القصير. يهدف هذا المقال إلى استكشاف ما يحصل “على الجانب الآخر” من حالة عدم اليقين الانتخابي، وكيف يمكن أن تؤثر التقلبات المحتملة والمخاوف الاقتصادية على الشركات والمستثمرين. هل سيكون هناك انفراجة بعد الانتخابات، وكيف سيتعامل الاقتصاد مع نتائجها؟ انضم إلينا لاستكشاف هذه الديناميات المعقدة التي تحكم الأسواق في أوقات التحول السياسي.
تأثير الانتخابات الأمريكية على الأسواق المالية
تُظهر البيانات التاريخية أن أداء سوق الأسهم يميل إلى التحسن بغض النظر عن الحزب السياسي لرئيس الولايات المتحدة. يشير ذلك إلى أنه لا يوجد حزب سياسي معين يؤثر سلبًا على سوق الأسهم بشكل دائم. فعلى الرغم من أن بعض الرؤساء قد يكون لديهم تأثير إيجابي أكبر على السوق من غيرهم، إلا أنه لا يوجد دليل واضح يدل على أن الرئاسة يمكن أن تؤدي إلى تغيرات دائمة، تلغي العوامل الأساسية المحركة للسوق.
خبراء الاقتصاد، مثل كالي كوكس من ريثولز ويلث مانجمنت، يشيرون إلى أن العوامل الاقتصادية ونتائج الأرباح هي التي تحدد سوق الأسهم على المدى الطويل. مع ذلك، قد تتسبب نتيجة الانتخابات في زيادة تقلبات السوق على المدى القصير، حيث تختلف آراء المرشحين حول السياسات الضريبية وكتلة البيانات الاقتصادية. ينتج عن ذلك أن الشركات تتوقف وتنتظر حتى تتضح السياسات الجديدة لتعديل استراتيجياتها، مما يزيد من عدم اليقين الذي يمكن أن يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي.
في السنوات الانتخابية، غالبًا ما تكون العوائد في سوق الأسهم أقل من المتوسط حتى يوم الانتخابات. لكن بعد الانتخابات، يُظهر التاريخ أن أسواق الأسهم عادة ما تتعافى وتبدأ في الصعود عندما تقل حالة عدم اليقين. كما يوضح بين سنايدر من غولدمان ساكس أن انخفاض عدم اليقين عادة ما يرفع تقييمات الأسهم وأسعارها بعد يوم الانتخابات.
بتحليل الوضع الحالي، يمكن ملاحظة أن نتائج الانتخابات تُكتسب أهمية خاصة عندما تكون المنافسة شديدة وتميل إلى إحداث تحولات غير متوقعة في السوق. على سبيل المثال، الانتخابات الرئاسية لعام 2024 تُظهر تنافسًا كبيرًا بين المرشحين. مثل هذه المواقف كثيرًا ما تجعل الشركات والمتداولين ينتظرون لحظة النتائج لتحديد استراتيجياتهم.
استراتيجيات الشركات في ظل الغموض الانتخابي
يتجلى تأثير عدم اليقين الانتخابي على استراتيجيات الشركات بوضوح في عدم القيام بتغييرات جذرية في خطط الأعمال قبل أن تتضح النتائج. في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، وتحديدًا خلال مكالمات الأرباح، كان هناك العديد من الإشارات إلى القلق الناجم عن عدم اليقين. تعكس هذه النتائج حالة من الترقب لدى الشركات، حيث أن العديد منها قرر تأجيل اتخاذ قرارات هامة حتى تتضح هوية الرئيس المقبل.
يشير لوري كالفاينا من RBC إلى أن عدم اليقين الناتج عن الانتخابات كان له تأثير سلبي على النشاط الاقتصادي حيث يتجه الكثير من الشركات إلى اتخاذ موقف حذر. فالشركات تتطلع إلى استقرار السياسات والتشريعات الجديدة التي ستعتمد قبل القيام باستثمارات جديدة أو توسيع أعمالها. هذا التوجه يعكس رغبة واضحة في فهم السياق الذي ستعمل فيه في المستقبل.
يمثل هذا نهج “انتظر وراقب”، حيث تعتمد العديد من الشركات على الانتظار لرؤية الرؤية السياسية الجديدة قبل اتخاذ خطوات جديدة، مما يُبقي الكثير من المشروعات الاقتصادية في حالة من الجمود. مثال على ذلك هو الشركات التي تعتمد على برامج الحكومة لدعم الأبحاث والتطوير أو تلك التي تعتمد على اللوائح البيئية الجديدة.
في النهاية، يمكن القول إن الغموض الانتخابي يؤثر بشكل واضح وليس فقط على قرارات الشركات، بل أيضًا على الثقة العامة في السوق. فالسوق يعتمد بشكل كبير على المشاعر والثقة، ولهذا، فإن وجود حالة من عدم اليقين يمكن أن تؤدي إلى تسجيل انخفاض في الاستثمارات ونمو اقتصادي أنعكس سلبًا على النتائج ككل.
تداعيات الفوضى السياسية على السوق في المدى الطويل
عند النظر إلى التأثيرات طويل الأجل للانتخابات الأمريكية على السوق، من المهم استشفاف المنظور الأوسع. في السابق، شهدت الولايات المتحدة عدة رؤساء قد لا يكونوا الخيار المفضل للناخبين، ومع ذلك استمر أداء الأسواق بشكل إيجابي. على سبيل المثال، العديد من المستثمرين يمتلكون اعترافًا بأن العوامل الاقتصادية الكلية مثل النمو والإنتاجية تضغط بشكل أكبر على السوق في الأجل الطويل مقارنة بالشخص الذي يجلس في المكتب البيضاوي.
نظرًا لدورها الكبير في التحكم في السياسة الاقتصادية، من الضروري مراقبة قرارات الاحتياطي الفيدرالي وتوجهات السوق العالمية. تأتي هذه القرارات في أغلب الأحيان من أبحاث وتوقعات بعيدة المدى تهدف لتحقيق الاستقرار والنمو، بغض النظر عن من يتواجد في السلطة. من هذا المنظور، يظهر أن الاستثمارات طويلة الأجل تستمر في جذب الانتباه كخيار مستدام.
سهولة الوصول إلى البيانات والتحليلات في العصر الحالي تمكن المستثمرين من تعديل استراتيجياتهم بشكل مستمر استجابةً للتغييرات في الإدارة السياسية. وبالتالي، من الضروري فهم القانون الطبيعي للسوق والذي يميل نحو التعافي والنمو على المدى الطويل.
بصفة عامة، من غير المرجح أن يتسبب تغيير الرئيس في تغيير المسار الكبير للنمو الاقتصادي الأمريكي. فعلى الرغم من تأثر الأسواق سلبًا بفترات من عدم اليقين، فإن نهاية هذه الفترات غالبًا ما تؤدي إلى استعادة الثقة وحركة إيجابية نحو الأمام. وهذا ما يجعل الاحتفاظ برؤية بعيدة المدى أمرًا أساسياً للمستثمرين.
توجهات سوق العمل في الولايات المتحدة
أظهر تقرير وظائف الكشوف والتحولات في العمل الصادر عن مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة أن هناك 7.44 مليون فرصة عمل متاحة في سبتمبر، وهو انخفاض ملحوظ من 7.86 مليون في أغسطس. ورغم هذه الأرقام، تظل نسبة الوظائف المتاحة إلى العاطلين عن العمل إيجابية، حيث تشير إلى استمرار الطلب الزائد على العمالة. ومع ذلك، فإن نسبة الإقالات ظلت منخفضة، حيث تم إقالة 1.83 مليون شخص في سبتمبر، وهو ما يمثل 1.2% من إجمالي العمالة. هذا يشير إلى أن النشاط التوظيفي لا يزال أعلى بكثير من نشاط الإقالات، حيث تم توظيف 5.56 مليون شخص خلال نفس الفترة، مما يعكس استقرار سوق العمل الحالي.
ومع ذلك، فإن معدل التوظيف، وهو النسبة المئوية للوظائف المملوكة إلى عدد العاملين، يظهر اتجاهًا تنازليًا، مما قد يمثل علامة على وجود بعض المخاطر المستقبلية في سوق العمل. علاوة على ذلك، شهدت معدلات الاستقالة انخفاضًا، حيث استقال 3.07 مليون عامل في سبتمبر، وهو ما يمثل 1.9% من القوة العاملة. هذا الانخفاض يمكن أن يُعزى إلى مجموعة من العوامل منها رضا العمال عن وظائفهم، وقلّة الفرص البديلة، أو احتمال تراجع نمو الأجور. في الوقت نفسه، تشهد نسبة الأشخاص الذين يغيرون وظائفهم تحسنًا في الأجور، حيث أظهرت بيانات ADP ارتفاعًا بنسبة 6.2% في الأجور السنوية بالنسبة للذين قاموا بتغيير وظائفهم.
مؤشرات الاقتصاد الكلي وأثرها على المستهلكين
تظهر مؤشرات الاقتصاد الكلي تقلصًا في تكاليف العمل، حيث ارتفع مؤشر تكاليف العمالة في الربع الثالث من 2024 بنسبة 0.8% فقط، وهو أدنى مستوى منذ الربع الثاني من عام 2021. ويشكل ذلك مؤشرًا على تهدئة النمو في الأجور وتكاليف العمل، والتي تعتبر عوامل مهمة تؤثر على قرارات المستهلكين والإنفاق. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت المطالبات الأولية للحصول على إعانات البطالة، مما يشير إلى وجود حالة من الاستقرار في سوق العمل. ويُظهر مؤشر ثقة المستهلك الذي أعده مجلس المؤتمر تحسنًا في مشاعر المستهلكين، حيث ازدادت تقييماتهم للظروف الاقتصادية الحالية مقارنة بالأشهر السابقة.
هذا التحسن يمكن أن يكون له تأثير ملحوظ على الإنفاق الاستهلاكي، والذي يعتبر أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأمريكي. ومع تحسن ثقة المستهلك، يُرجح أن يزداد الإنفاق، مما يساعد في دعم النمو الاقتصادي. ووفقًا لبيانات إنفاق بطاقات الائتمان، ارتفعت الإنفاقات السنوية للمستهلكين بنسبة 2.6%، مما يعكس استقرارًا في النشاط الاقتصادي.
سوق الإسكان وتغيراته
يظهر سوق الإسكان في الولايات المتحدة بعض الاستقرار، حيث تبقى نسبة تملك المنازل ثابتة عند 65.6%. ورغم أن الأسعار شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.3% من أغسطس، فإن النمو في أسعار المنازل بدأ يظهر علامات على التباطؤ. يُظهر مؤشر S&P CoreLogic Case-Shiller أن النمو السنوي في الأسعار هو الأقل منذ ذروتها في عام 2023، مما يشير إلى تباطؤ الطلب في السوق.
على الرغم من ذلك، هناك عدد كبير من مالكي المنازل الذين يملكون منازلهم دون مديونية، مما يعطيهم ميزة في مواجهة تقلبات السوق. جميع هذه العوامل مجتمعة تشير إلى أن سوق الإسكان، رغم بعض التحديات، يبقى مستقرًا بوجه عام. مع تزايد معدلات الفائدة على الرهن العقاري، من المتوقع أن يستمر الضغط على السوق، لكن مالكي المنازل الذي يمتلكون معدلات ثابتة قد لا يتأثرون بشكل كبير بهذه التغيرات.
الشركات والأسواق المالية
رغم أن الأسواق المالية تواجه بعض الضغوطات، فإن التوقعات تبقى إيجابية مع استمرار توقعات الأرباح. الشركات التي قامت بإجراء تعديلات واسعة على هيكل تكاليفها واستثماراتها في التقنيات الجديدة، بما في ذلك الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تشهد تحسنًا في الأداء. العوامل المساعدة مثل العرض القوي من السلع والخدمات تدعم استمرار النمو الاقتصادي.
الاستثمار في الأسهم يظل خيارًا محتملًا للعديد من المستثمرين، خاصة مع عدم وجود علامات على الانخفاض الوشيك. كما أن البيانات الاقتصادية الصلبة تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا على الرغم من الضغوطات المحتملة. ومع ذلك، ينبغي أن يكون هناك وعي بالمخاطر المحتملة، بما في ذلك عدم اليقين السياسي، والاضطرابات الجيوسياسية، وتقلبات الأسعار. التجربة التاريخية تُظهر أن الأسواق تمر بفترات من التقلب، لكن التركيز على النمو المستدام يبقى عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات الاستثمار. كما يظل من المهم للمتداولين والمهتمين بالسوق أن يكونوا مستعدين لمواجهة أي تقلبات محتملة في المستقبل.
رابط المصدر: https://finance.yahoo.com/news/what-happens-on-the-other-side-of-election-uncertainty-160609937.html?.tsrc=fin-notif
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً